تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني والدكتور مصطفى محمد العياشي تدقيق لغوي وتقييم فلسفي وتقفيل خاتمة الشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي تونس
القصيدة "ما بين الرشفة والرشفة" للشاعر رائد كُلّاب تتناول موضوعًا بسيطًا بعمق فلسفي وعاطفي، حيث يرتقي الشاعر بفنجان القهوة إلى مستوى الرمز الذي يحمل بين طياته مشاعر الشغف والحب. تبدأ القصيدة بتوظيف فعل شرب القهوة كنافذة لاستحضار الحكايات، فيقول "ما بين الرشفة والرشفة.. حكايات تروى". هذا التناول الرمزي يربط بين تفاصيل الحياة اليومية والتجربة العاطفية العميقة، ليعبر الشاعر عن مشاعر مختلطة من الشوق واللهفة.
يمتد هذا التفاعل الحسي في النص باستخدام صور حسية قوية مثل "لمسات بإحساس صاعقة رعد.. تهتز لها أركان الوجد بلهفة الشوق"، ليعبر الشاعر عن تأثير هذه اللحظات البسيطة في قلبه وعقله. وكأن كل رشفة من القهوة تحمل في طياتها انفجارًا من المشاعر التي تترك أثرًا عميقًا في وجدانه. هنا، تبدو القهوة كعنصر محفز يربط بين الحاضر والذاكرة، وبين الواقع والخيال.
تزداد هذه العاطفة حدة حينما يصف الشاعر اللحظة كفعل يرتعش فيه أمام "سحر الأنفاس" ويهيم في "غفوة الأحلام"، مما يعكس قوة التفاعل الداخلي بين الشاعر وذكرياته. يستخدم الشاعر لغة غنية بالتشبيهات والاستعارات لتصوير التجربة العاطفية، مثل "الشفاه برق .. وهج .. يسلب الأنظار"، ليبرز مدى تأثير هذه اللحظات الصغيرة في خلق تجربة حسية قوية، لا تقف عند حدود الجسد بل تتعداها لتلامس الروح.
القهوة في هذه القصيدة ليست مجرد مشروب، بل هي تواصل حسي وروحي بين الشاعر وذكرياته وأحلامه. هذا يظهر بوضوح في قوله "اتنهد مع كل رشفة .. ونسيم الليل يهمس بحروف الغزل". هذه اللحظات ليست عادية، بل تحمل الكثير من العمق والتفاصيل، لتصبح كل رشفة من القهوة تعبيرًا عن حالة من الحب الخالص الذي يعبر عنه الشاعر ببساطة، لكن بتأثير عاطفي قوي.
ما يميز القصيدة هو قدرتها على المزج بين العاطفة والموسيقى اللغوية، حيث نجد الأوتار الموسيقية متداخلة في النص كعنصر مكمل للتجربة الحسية. الشاعر يبدع في رسم صورة متكاملة من المشاعر مع كل رشفة من القهوة، وكأنها تحول اللحظة إلى تجربة فنية متكاملة بين السمع والبصر والذوق.
في نهاية النص، يخلق الشاعر مفاجأة محببة، إذ يعتذر بقوله "عذرًا سيدتي الجميلة.. إني أتغزل بفنجان قهوتي"، مما يعكس ذكاء أدبيًا ولعبًا على المفارقة اللغوية. هذا الخاتمة الطريفة تعزز من قدرة الشاعر على الجمع بين العاطفة الحقيقية والفكاهة بأسلوب سلس، مما يجعل النص عميقًا وممتعًا في آن واحد.
من خلال هذه القصيدة، يبرز الشاعر رائد كُلّاب كقلم قادر على تحويل اللحظات البسيطة إلى تجربة أدبية راقية. لقد نجح في نقل مشاعر عميقة ومتشابكة بأسلوب سلس وممتع، مما يعكس غنى الأدب العربي وقدرته على التعبير عن أدق التفاصيل الحياتية والعاطفية.
مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية
ما بين الرشفة والرشفة..
حكايات تروى ..
لمسات بإحساس صاعقة رعد..
تهتز لها أركان الوجد بلهفة الشوق ..
ارتعش امام سحر الأنفاس ..
اهيم بغفوة الأحلام ..
الشفاه برق ..وهج ..يسلب الأنظار..
دفء يروى كل ظمآن ..
رواق يمتع بسكون ليل ..
مع انغام عزف ..
يداعب اوتار عشق بين ثنايا الأرواح ..
اتنهد مع كل رشفة ..
ونسيم الليل يهمس بحروف الغزل ..
لذيذة أنت في أحضان الذاكرة ..
وبين حروف هاربة منكِ وإليكِ ..
دعيني اتنفسكِ مع تفاصيل المساء .. وألحان الصباح ..
...
عذرا سيدتي الجميله ..
اني اتغزل بفنجان قهوتي..
بنكهة عاشق متيم ..
بقلمي رائد كُلّاب، ابو احمد
مع تحيات المسوولة والداعمة لنشر النصوص النقدية التحليلية بالمجلة الشاعرة عائشة ساكري تونس 🇹🇳