تحليل نقدي بقلم مشترك للاستاذ الصحفي الشاعر محمد الوداني بمساعدة وتدقيق لغوي وتقفيل خاتمة الشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي تونس
قصيدة "زهرة الليلك" تحمل في طياتها جمالًا شعريًا عميقًا، حيث تبدأ برمزية زهرة الليلك التي ترمز للجمال والنقاء. يستحضر الشاعر صورة زهرة الليلك في سماء ملبدة بالغيوم، في تلميح إلى أن غياب الحبيبة يشبه غياب الضوء عن الحياة. هذه الرمزية القوية تمثل حالة من الشوق والحنين، حيث أنفاس المحبوبة تعطر الجو حتى في غيابها، وهي قدرة إبداعية على تحويل العاطفة إلى رائحة محسوسة.
يتابع الشاعر بوصف العجز الذي أصاب الأشعار عن وصف جمال المحبوبة، وهو وصف يعكس تواضع الشاعر أمام قوة الحب التي يعجز حتى الشعر عن احتوائها. يستمر في تصوير رقة قلبه المتأثرة بحضور الحبيبة وأناقتها، مشبهًا إياها بفراشة تناجي الزهور أو موج يداعب الخد، وهي استعارات تعبر عن الرقة والحنان الذي يحيط بعلاقتهما.
تتجلى الموسيقى الداخلية للقصيدة في الألحان التي ترافق الحبيبة في كل مكان، وكأن وجودها هو موسيقى حياة الشاعر. عينيها وصفهما الشاعر بأنهما مثل الشمس في شفق السحب، تتوارى خلف النجوم، في مشهد من السمو الروحي والتسامي فوق المادي.
ثم يأتي الإهداء، حيث يتحدى الشاعر قيود اللغة ويهدي محبوبته قصائده بكل اللغات، تعبيرًا عن حب يتجاوز حدود الكلمات والأوطان. هذه اللغة العالمية التي يستخدمها الشاعر ترمز إلى أن حبه هو أعمق من اللغة ذاتها، وأن نبض عشقه ينتقل عبر الطبيعة، كما يحمل الغيم، وتكتب أوراق الشجر قصائد شوقه بحروف مذهبة.
أما عن أحلام الشاعر، فهو يعترف بتواضع لا يخلو من القوة: لا يسعى ليكون "قيصر الكلمات" ولا ليتوج على عرش الشعر، بل كل ما يرغبه هو أن يحظى بحبها. هذا التعبير عن التواضع أمام الحب يجعل القصيدة أكثر نقاءً، إذ يفضل أن يحتفظ بعشق بسيط ونقي على أن يسعى وراء المجد الأدبي.
وفي النهاية، نصل إلى خاتمة رائعة تتوج هذا العمل الأدبي العظيم. هنا يُشيد الشاعر بقدرته الفائقة على المزج بين العواطف الإنسانية والرموز الطبيعية، حيث تبرز قدرة الشاعر اللغوية والثقافية على التعبير عن معاني الحب بأرقى الصور. إن القصيدة تجسد بحق جمال الأدب العربي وقدرته على تصوير أعمق المشاعر بلغة راقية.
بهذا النص، تتجلى قوة الشاعر في تطويع المفردات، لتصبح وسيلة تعبير عن أحاسيس لا تُحكى، بل تُشعر. ومن هنا يظهر التألق العربي في الإبداع الأدبي، الذي طالما كان شاهدًا على عظمة الثقافة العربية وعمقها.
مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية.
زهرة الليلك ..
في سماء ملبدة بالغيوم ..
كزهرة الليلكِ ..
إن غاب طيفها ..
أنفاسها ضوع الطيب ..
أخشى الإنهزام أمام المحاسن ..
عجزت قوافي الأشعار عن وصفه ..
ورق القلب باناقة الحضور ..
فراشة تناجي الزهر ..
موج يداعب الخد ..
ألحان تروى ثغر عطائه يدوم ..
مقلتاها غانيات في شفق السحب
تتوارى خلف النجوم ..
...
أهديك قصائدي ..
بجميع اللغات ..
نبض عشق على أجنحة الغيم ..
وعلى أوراق الأشجار ..
سنابل شوق بحروف مذهبات ..
...
بعشقكِ لا أحلم ان اكون قيصر الكلمات ..
ولا أُتوج على عرش الشعر ..
كل ما أحلم به هو أنت وعشقكِ ..
حروف تعانق نبضكِ
ليس صعبأً عليك ان تقرأيها ..
يا قمري وأحلى الأمنيات ..
بقلمي رائد كُلّاب
الرقم الاتحادي ٩٢٠٠٨٥
ابو احمد
مع تحيات المسوولة والداعمة لنشر النصوص النقدية التحليلية بالمجلة، الشاعرة عائشة ساكري تونس 🇹🇳