تحليل نقدي بقلم مشترك د.مصطفى العياشي والشاعرة غزلان حمدي


 تحليل نقدي بقلم مشترك مع دكتور مصطفى محمد العياشي والشاعرة الأديبة غزلان البوادي حمدي مشكورة جدا على الدقيق اللغوي وتقفيل الخاتمة

"صفحات من عمري" هو نصٌ شعري عميق، يعبّر عن مشاعر وتجارب إنسانية تتجاوز حدود الزمن. في هذا النص، تحاور عائشة ساكري نفسها، متأملةً في اللحظات التي شكلت عمرها. تكتب بأسلوبٍ مفعم بالعاطفة، معبرة عن كيف تتداخل أحداث الحياة وتنسج ذكرياتها كصفحات كتاب لا ينتهي. كل يوم يبدو وكأنها تعيش ولادتها من جديد، تأملُ في تجربتها الشخصية، محملةً بأثقال الذكريات، لكنها تجد نفسها أيضًا محاطة بنور الأمل.


عائشة، بصوتها الفني الرفيع، تصف كيف تُسارع الأحداث في حياتها وكيف تستشعر أن الحياة ليست سوى مجموعة من اللحظات التي تعيشها بكل جوارحها. تُعبر عن صراعها مع النسيان، وتحاول التمسك بما يمكن أن يُعيدها إلى ذكرياتها السعيدة، فتتسلق جدران الفراغ برشاقة، مُدركةً أن حبها هو ما يضيء دربها.


تتحدث عن "الحب السرمدي" الذي يجمعها بذاك الوطن الروحي، والذي يُعيد الحياة إلى قلبها المشتاق. في نظرة واحدة، تجد في عينيه الوطن الذي يأخذها إلى زمن القلوب النقية. تُحيي فيها تلك الذكريات الجميلة، حيث يصبح الحب كخيط من نور الفجر، يشع باليقين والراحة، ليذكرها بأن الزمن، رغم قسوته، يمكن أن يُعيد لها الفرح.


عائشة تُبرز قدرة الحب على خلق عوالم جديدة، حيث تمتزج مشاعرها بعطر الذكريات. نبضات قلبها تتسارع كطائر عانق قدره، لتنسى قسوة الأيام في حضن الحب. تترك الكلمات عطرها في حقول أيامها، وكأنها وُلِدت من جديد، وكل لحظة تمرّ بها تعكس كيف يتشكل الزمن في لحظات خالدة تُعاش وتتأمل.


إن "صفحات من عمري" هو تجسيد حيّ لقدرة عائشة ساكري على التعبير عن التجربة الإنسانية بعمق ورقة. إن أسلوبها الأدبي ليس فقط احتفاءً بالحب والذكريات، بل هو دعوة للعودة إلى الذات والتأمل في اللحظات التي تشكل هويتنا. نصها يُظهر جماليات الثقافة العربية ويُعبر عن قدرة الكلمات على تجاوز الزمن، مُتوجًا بمدحٍ وشكرٍ لجمال أسلوبها وعمق مشاعرها.


مع تحيات ادارة مجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي للنشر والتوثيق والقراءة النقدية التحليلية الثقافية العربية


**صفحات-من-عمري**

 

---الحياة ليست سوى سلسلة من اللحظات المتداخلة، تتسارع الأحداث وتطوى السنين وكأنها صفحات تتساقط من كتاب لا يتوقف عن التدوين. وأنا، أسير بين تلك الصفحات، أتأمل عمري الذي يمضي في غمضة عين. كل يوم يبدو لي وكأنني أعيش ولادتي آلاف المرات، وأجتاز خط العمر بخطى مترددة في ذاكرتي. أحيانًا، أتساءل كيف يمكن لكل هذه التفاصيل أن تتداخل، وكيف ألاحق أحداث الماضي وأكتبها على أوراق الذكريات. أجمع بعض الفصول وأترك الأخرى خلفي، وكلما مضيت في طريقي، أدرك أنني لست سوى شخص ينثر نفسه على أبواب الزمن، محاولًا التمسك بآثار الحياة رغم ما مضى.


أتسلق جدران النسيان، وأجد نفسي أحيانًا أنتمي إلى فراغ لا يعترف بالزمن. أركل حياتي كما يركل لاعب كرة مشتعلة، أحاول تجاوز اللهيب دون أن أحترق. وفي صراعي مع الحنين، أرميه بألف جمرة ملتهبة، ولكن يبقى القدر هو الوحيد القادر على إخماد تلك النيران. ومع ذلك، أضيء المستقبل بشعلة الأماني والوعود، أحمل في قلبي بريق الأمل، وأمضي قدمًا نحو ما هو قادم، مهما كانت العثرات.


ثم بنظرة واحدة، وجدت ما لم أبحث عنه طوال هذه الرحلة. نظرة أحيت قلبي التائه بين الصور والأحلام الضائعة. وكأنني كنت أبحث طويلاً عن نفسي في معرض الأيام، حتى أتيت بأجمل ما تصورته من صور. هناك، في عمق عينيك، وجدت الوطن الذي يأخذني إلى زمن القلوب النقية، إلى أفراح هجرها الزمن. النظر إليك يا الأنا، يشبه رؤية أول خيط من نور الفجر، فيه يقين وراحة لا نهاية لها. حب سرمدي لا يمسّه الزمن، حب يعانق الروح وينير القلب.


خيال يطوف حولي، ينثر عطرك الممزوج بفرحي، فيملأني ببهجة لا توصف. تتسارع نبضات قلبي كطائر عانق قدره ونسى قسوة الأيام في حضنك الدافئ. عطرك يندمج مع لحظاتي، يفوح مغردًا في حقول أيامي وكأنني ولدت من جديد، وكأن العمر الذي مضى كان مجرد تحضير لما سأعيشه الآن، بجانبك، في عالم مليء بالحب والنقاء.


في كل لحظة تمر، أجد نفسي أكثر التصاقًا بتلك الصفحات التي تدون قصتي. ربما تتسارع السنين، ولكن في كل طيف من الذكرى، وفي كل نظرة حب، أكتشف أن الزمن لا يمضي حقًا، بل يتشكل على هيئة لحظات خالدة، نعيشها ونتأملها. وعند النظر إلى المستقبل، أرى شعلة الأمل لا تزال تضيء طريقي، وعطر الذكريات يرافقني أينما ذهبت.


فالنظر إليك يا عائشة، هو خيال يطوف حولي، ينثر عطرك الممزوج بفرحي، فيملأني ببهجة لا توصف. تتسارع نبضات قلبي كطائر عانق قدره ونسى قسوة الأيام في حضنك الدافئ. عطرك يندمج مع لحظاتي، يفوح مغردًا في حقول أيامي وكأنني ولدت من جديد، وكأن العمر الذي مضى كان مجرد تحضير لما سأعيشه الآن، بجانبك، في عالم مليء بالحب والنقاء.


عائشه ساكري تونس. 23_5_2022

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال