الجرح الأبدي.بقلم الشاعر المغربي إدريس البوكيلي الحسني

 الجرح الأبدي


هاهُوَ السَّوادُ في وُجُودِي يَسُودُ

والأَلَمُ يُسَافِرُ سَدِيماً قَاتِماً يَعُودُ 

 يغَلِّفُ غِيابُكِ مَرْيَمُ أُمِّي حَشَايَا

 لَيْسَ عَجَباً أَنْ يَكْفَهِرَّ الوُجُودُ

فَالفَجْرُ عِنْدِي بَعْدَكِ لَيْسَ فَجْراً

والوَقْتُ مُمِلٌّ مُرٌّ كَبَّلَتْهُ القُيُودُ 

آهٍ كَيْفَ أَنْسَاكِ وَفِراقُكِ عَلْقَمٌ  

وَعَلَى حِبَالِ غِيابِكِ أَنَا مَصْلُوبُ 

يَسُودُ حَنِينِي لِوَجْهٍكِ أَعْمَاقِي

 كَمَا.لَمْ أَعِشْ بمِحْرَابِكِ المُضِيء

الدَّاجيَّاتُ حٌبْلَى بِأَنْوَارِ طَلْعَتِكِ كَانَتْ

تَتَلاشَى دَوماً وَفِي أَعْمَاقِي أَبَداً تَنُوءُ

تُطْفِئِينَ بعينَيْكِ كُلَّ لَهِيبٍ يُقْصِينِي

كلٌّ مَا فِيكِ حَكِيمٌ سَائِغٌ يَسْتَهْوِينِي

حِكْمتُكِ وبُعْدُ النَّظرِ وغيثك يرويني

مَرْيَمُ أَنْتِ العِشْقُ والهَنَاءُ فَذِكْرَاكِ

عِنَاقُ طَقْسٍ فِي الفِرْدَوْسِ يُغْرِينِي 

أَيُّ فَقْدٍ لأُمِّنا ربَّاهُ!! رَبَّاهُ!!

أَيُّ جُرْحٍ أعْطَيْتَنِي إِيَّاهُ!!

المأْتَمُ مَأْتَمُ فِراخِها 

وخَصِاصُنَا فِي الطَّوَايَاوالزَّوايَا لَنْ أَنْسَاهُ

تَحْتَ اللَّحْدَيْنِ والثَّرَى هَكَذَا كَنْزٌنَا

واللهُ أكْرمُ الكِرامِ بِمَا شاءَ فَأَعْطَاهُ

وَيَوْمَ رَحِيلِهَا كَانَ حَنْضَلاً مَرِيراً 

عَلَى فِرَاخِهَا وَالمَعَارِفِ وارَبَّاهُ!! 

كُلُّ الأَشكَالِ في عُيونِنَا تَلَاشَتْ 

كُلُّ الأَفْكَارِ فِي رُؤُوسِنَا تَوَارَتْ

بَعْدَ غِيابِها لَمْ يَعُدْ لِلْإِمْتَاعِ طَعْمٌ 

وَقَضَاءُ اللَّطيفِ حَمدُا مَا أَسْمَاهُ

وَالحُلمُ بكِ أُمِّي يَرْفَعُنِي وَيُبْعِدُنِي

يُخَفِّفُ عَنِّي التَّيْهَ والغَفْوَةَ وكلَّ مَا أَخْشَاهُ

وُجُودُكِ عَالَمٌ ميَسَّرٌ سَهْلٌ جَمِيلٌ 

قِوامُهُ الأُنْسٌ بَيْنَنَا وَحُبٌّ لَنْ أَنْسَاهُ

حُرُوفُكِ مَرْيَمُ أمِّنَا مُبَهْجَةٌ صَبُوحُ

والسِّحْرُ مِنْهَا وَمِنْ وُجُودِهَا يَلُوحُ

كُلٌّ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُعْجَبٌ يَهْوَاهَا

نَقِيَّةٌ ذكيَّةٌ سَخِيَةٌ شِيَمُهَا مَا أبْهَاهَا!!

فَالأَنْفُ مَرْفُوعٌ يَتَخَطَّى شُمُوخَ السَّمَاءِ

واللَّحْظُ كُحْلِيٌ مُبْهِرٌ مَرْسُومٌ الرَّجَاءِ

طَلْعَتُهَا فَرْحَى وَبِشْرُهَا لِلْجِراحِ بَلْسَمٌ 

رَيْحَانَةٌ يَغارُ القمرُ منْ نُورِهَا وَالسَّنَاءُ

هِيَ أمِّي البَرُّ الحُسْنَى والبَحْرُ مَرْيَمُ

قُدْوَةُ الأَنَامِ عُلُواً آهٍ !! وتَوَاضُعاً مُعَمَّمٌ

رَحِمَهَا اللهُ وًغَفرَ لَهَا مَا تَجَهَلُ وَتَعْلَمُ    


من ديوان :

"ظلال الحلم والواقع"

        لإدريس البوكيلي الحسني

                  المغرب

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال