وصية والدي
. ....
ذات مساء متأخر الشاي
حاورني بنكهة عرقه العصي على شموس الهذيان
طفقت مثل طائر يشتم نبض الحقول
بوقار جبال تحرس ضوءنا
اكتملت وصاياه
شهقات القمر المدلل
حفظت دورة التراب والفؤوس من أنفاسه البليغة التي سكنت مهجنا
تلك الابتسامات المسترسلة في حزن مكنون
قال لي : أن ثمر الأشجار التي غرسها
ستخرج من افواه القرويين حكمة يافعة النور
قال لي : أن الآبار التي ثبتها
ستصبح مياهها عذبا فراتا على هالة العرس
وأن الوهاد والجبال التي روضها ولحن أبجدياتها
ستعزف أرواحنا على فاكهة الرمان
سيكون اللحن ملائكي
على واد جدي تشرب عنفواننا تلك البركة
قال والدي : نحن ذاكرة ماء
ولهيب حب
وجوقات من سرحان العرق
الذي يعصر ثمار الشجر الشاهق أزمتنا الصخرية
نطق بحكمته المصقولة بعيون صفصافتنا الخضراء
بهزيج الدواجن والداوب
بنحاس أصفر ناعم براق يرن بوتر الثورة
حكمته والدي
ذرقتها نخلة
غطاها شجر اللوز المجنون
حتى جف رحيق الفصول
وحكمته تطوف بها بلابل الليل
لتعيش الحكاية المزخرفة القبيلة
والدي وجدي ونهم الفقدان
طلاسم عتق بين مفترق النوم وتحفةالقبور
محمد محجوبي / الجزائر