صرخة الكبرياء
أنا امرأة نصف وزني كبرياء، ونصفه الآخر شموخ. لم أُخلق لأكون لعبة تعبث بها الأهواء، ولا أجيد التمثيل ولا مداراة الغضب الذي يسكنني في ليالي الصعاب. دموعي لم أخفها يومًا عن القمر، ولا عن نجوم الليل وهيبتها.
أنا امرأة أستمدّ صبري من صلابة التحدي، وأغذّي قوتي بالكبرياء. أفهم الحياة على غير ما تفهمه النساء، وأفضّل أن أعيش بلا روح ولا عقل على أن أتنازل عن كرامتي. أنا امرأة لا أبحث عن متعتي وحدي، بل أهب نفسي كلّها لمن أحب.
أنا امرأة لا تسمح لنفسها أن تُخدش كرامة حبيبها ولو بخدش صغير، حتى وإن كان الثمن راحتي ورضا قلبي. أنا امرأة أحبّت رجلاً وتمنّت أن تبني له قصرًا لا يسكنه سواه. أنا امرأة تترجّى من حبيبها الاعتذار والتفهّم، لأنني لم أعد أملك القوة على احتمال الاستنقاص أمامه.
أنا أستغيث بوعيه، ألتمس منه أن يستوعب مشاعري، فقد صرت عاجزة أن أنظر في عينيه وكأنني اقترفت ذنبًا في حقّه. لم يكن ذنبي أنني عشت زمنًا مريرًا بين يديّ شيطانٍ ماردٍ عبث بجسدي كما يشاء، وأكل من لحمي بجهلٍ ووحشية، كخنزير يثير شخيره رعب الغابات. لم تكن لي رغبة، لكن بقيت آثار العذاب على أعضائي، في أعماقي، في قلبي وشراييني، كسمٍّ يتركه جبان بين أنيابه.
أنا امرأة خجلت أمام حبيبي من شيءٍ مضى ولم يكن لي فيه يد، لكنني حملت وزره وعذابه. أنا امرأة ضعفت أمامه، تلعثمت، ولم أجد جوابًا... غير أنّني شعرت أنّني أستحق كلّ بشاعة تحارب كياني وتسلبني عقلي.
ومع ذلك، أنا امرأة، لا زلت أحبّ الكبرياء، ولا زلت أرفع راية الكرامة
الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس