فتنة التقاعد بقلم الأستاذ محمد محجوبي

 فتنة التقاعد 

. ..


أصبح شيخا ذالك الاستاذ الذي صاغته حقبة طويلة من زمن مشهود .. البناية العتيقة لتلك الثانوية التي أهدتنا قلادة العيش .. الثانوية التي وطنت وجوه أستاذة الغرب والشرق على مفترق القارات كنا نتعلم فتتمازج العيون والقلوب لونا إنسانيا ينثر تعابير الحب والعيش والنشاط  

ذلك الاستاذ الذي غلفته أزمنة ترحال بين البوادي والحواضر وهو يحمل محفظته المشحونة بمحتوياتها البيداغوجية البسيطة ، 

هو لا يزال يحتفظ بأسماء وتغيب عنه أخرى 

لا يزال يختزن تضاريس الجبال و هندسة القرى و المدن ، يتفحص شوارع شوهها الزمن ، وجوها على مفترق محطاتها تعرفه ويعرفها ، وفي عمره المتقدم لا تزال في سلوكياته لكنات مشتتة الأعراق والقبائل كلها تتدفق على مجرى منهحيته البداغوجية المنظبطة على تقاسيم وجهه وكل إيحاء من تجاعيد وجهه وشعرة من بياض رأسه تمرر رسالة عسيرة على أجيال تنرجست في ضبابها المميع ، 

كما كل إشارة من إشارات يديه تفسح فجوة من حدائق ذكريات ومستملحات ، ربما كانت محطته الأخيرة موقف الحافلات وهو واهن في وقفته يستجدي ثمن تذكرة على التو ليستريح من مدينة الانكار ، كما وأن المقهى الذي تجاوب مع جسده الهزيل المنهك المتعب من عليه باشارة مفرحة عن ثمن القهوة الذي تدحرج الى 30 دينار كونه استحال حلس ذالك المقهى يفتش عن وجوه جرفتها أزمنة قاسية ،، 

وبين فترات الشمس و الهواء يتلذذ بسيجارته ويغرق في منسيات أجيال ، ربما عيناه تصرخ في صدى العمر خيبات شيخ تطعنه سكاكين الصمت وكدمات الخصاص وهو الغر الذي شق بمحفظته كل الجبال .


محمد محجوبي / الجزائر

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال