---
أذكُرُك
بقلم: فتحي الصيّادي
أذكُرُكَ في ليالي السَّهَرِ،
وفؤادُكَ يئنُّ من وجعِ الهَوى،
أسيرُ شَوقٍ جارفٍ،
وبهِاءِ طلعَةٍ أبهَرَتِ الدُّنيا.
تفكِّرُ في أعماقِ ليلِكَ السَّاكن،
وتستحضرُ كلماتٍ كالدرِّ منثورٍ،
تُدهِشُ مَن سَمِعَها،
فما عادَ في قلبِكَ صَبرٌ،
ولا في جَفنكَ نومٌ.
كَم أرهقَكَ غرامي،
وسَلبَ منكَ راحةَ النَّوم،
تَشهَدُ بذلكَ الرَّسائلُ،
وتبوحُ بهِ السُّطورُ،
كأنَّها تَروي حِكايَةَ بالٍ
تَفوقُ في وَصفِها الخَيالَ.
ـــــ
أذكُرُكَ بشوقٍ أضرَمَ في الغِيابِ نيرانَه،
فأحرقَ القلبَ والبدنَ،
وأوجَعَهُ الحُبُّ بألَمٍ ما سَكَن،
تَفيضُ الدموعُ على الخَدِّ،
وتنسجُ آهَاتِكَ كَلِماتٍ
تَستجدي بها الصَّبرَ،
علَّها تُطفِئُ لَوعَةَ المِحن.
ما غَفَت عَيني إلّا على ذِكرَاك،
ولا رَجا قَلبِي سِوى وَدادِك.
ـــــ
واليَومَ جاءَ الوَشاةُ بالبُغضِ،
يَزرَعُونَ الفِرَاقَ،
ويمزِّقونَ الوِفَاقَ،
حَتّى تَفَرَّقتْ نبضاتُ القلوبِ
في مفترقِ الدُّروب.
فماذا أقولُ لعَينٍ
ذَرَفَت دُمُوعَها
على أَيَّامٍ كانَ فيها
البُلبُلُ يُغَنِّي لَحنَ الغرام،
والفَراشُ يُقبِّلُ الأزهارَ،
يَلعَقُ منها الرحيقَ،
واليَومَ — آهٍ —
قد سَكَنَ الحُزنُ القلوبَ،
ودَبَّ فِيهَا الحَرِيقُ.