جزيلا الشكر والثناء للشاعرة الأديبة غزلان حمدي البوادي على التحليل والقراءة الأديبة الراقية وشكرا للشاعر الجليل محمد وسيم مراد على الفيديو والعمل الراقي.
تحليل وقراءة أدبية بقلم الشاعرة الأديبة غزلان حمدي من تونس
يُفتتح هذا العمل الأدبي الرائع بصوت الشاعر مراد ياسين وأدائه المفعم بالإحساس، حيث يقرأ قصيدة "سفر تحت الريح العاتية" للشاعرة التونسية عائشة ساكري بأسلوبٍ فنيّ راقٍ ينساب كالموسيقى، مصحوبًا بصورٍ منتقاة بعناية وموسيقى هادئة تُلامس القلب. هذا المزج بين الصوت والصورة والموسيقى جعل القصيدة تتحول من نصّ مكتوب إلى تجربة شعورية حيّة، تشبه السفر عبر موجٍ من الحنين والتأمل.
أما على مستوى النص، فقد صاغت الشاعرة عائشة ساكري عملًا شعريًا يحمل عمقًا وجدانيًا وإنسانيًا نادرًا، حيث تتجسد الريح رمزًا للعواصف الداخلية، والبحر مرآةً للروح، والسفينة البالية صورة للإنسان المنهك الذي ما زال رغم التعب يواصل الإبحار. اللغة في النص شفافة، محمّلة بالرموز والدلالات، تجمع بين الحزن والرجاء، وبين الغربة والبحث عن الذات، كما في قولها: "أمدُّ يدي للريحِ فلا تمسك سوى الفراغ" — عبارة تختزل ضياع الإنسان أمام اتساع الوجود.
لقد أحسنت الشاعرة في توظيف التناقض بين العتمة والضوء، بين الغرق والنجاة، لتخلق من معاناة الرحيل جمالًا شعريًا ساميًا. وجاء أداء مراد ياسين ليضاعف من تأثير النص، إذ ألقى القصيدة بصوتٍ يحمل نبرة الموج، وصدق الإحساس، فتماهى مع موسيقى الخلفية ليجعل المستمع يعيش كل حرف وكأنه نسمة أو وجع.
عمل متكامل بين الشعر والصوت والمشهد، يعكس رقيّ الذوق الفني، وعبقرية الكلمة التي تخرج من وجدان عائشة ساكري لتصل إلى القلب بصدقٍ وجمال.
مع تحيات رئيس مجلس الإدارة بمجلة غزلان للأدب والشعر والابداع الفني العربي.الشاعرة الأديبة غزلان حمدي
سفر تحت الريح العاتية
بقلمي: عائشة ساكري – تونس
17 أكتوبر 2025
الرّياحُ عاتية،
والشراع بالٍ،
وسفينتي تغوص
في عتمة الأفق البعيد.
سوف أبحر وحيدة
في بحر الاغتراب،
أحمل بقايا حلم تكسّر
على ضفاف الإنتظار.
كم كنت أشكو وأنادي
بأعلى صوتي،
لكن بُحّة تخنقني،
تغرق كلماتي في لجج الصمت،
فأزداد للبحر اشتياقًا،
كأنني أطلب منه صدرًا يحتويني،
أو موجة تعيدني إلى نفسي.
أمدُّ يدي للريحِ فلا تمسك سوى الفراغ،
وأرسم وجه الوطن على صفحة الماء،
ثم أمحو ملامحه بدمعة حائرة.
يا بحر، خذ وجعي إليك،
علّ المدّ يرد إلي
ما سلبته الأعوام من سكينة.